أكد وزير العدل الفلسطيني، محمد الشلالدة، أهمية صدور قرار ينص على تدابير مؤقتة تلتزم بها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها ضدها جنوب إفريقيا تتهمها فيها بالإبادة الجماعية.
وقال الشلالدة للجزيرة مباشر إن من أهم القرارات التي صدرت من المحكمة هو تأكيد اختصاصها في الحكم في هذه القضية، وهو ما سبق وطعنت فيه إسرائيل، لافتًا إلى أن المحكمة قبلت تقريبًا كل ما طلبته جنوب إفريقيا في دعواها باستثناء الطلب المتعلق بوقف إطلاق النار.
وأضاف “تكمن أهمية هذه التدابير في أنها تُعَد في قيمتها القانونية كالحكم القضائي الصادر من المحكمة، وإسرائيل ملزمة بتنفيذها واحترامها”.
“موقف تاريخي”
بدوره، يرى شعوان جبارين، عضو الفريق الاستشاري لجنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، أن التدابير المؤقتة التي حكمت بها أعلى مؤسسة قضائية دولية بمثابة موقف “تاريخي”، لافتًا إلى رؤيته لآثار القرار على وجوه الوفد الإسرائيلي في المحكمة، الذي غادر القاعة فورًا بعد تلاوة الحكم، وفقًا لجبارين.
وقال جبارين للجزيرة مباشر إن الحكم الصادر من المحكمة الدولية “يجب ألا ننظر إليه وكأنه لا شيء، يجب أن ننظر إليه بإيجابية، المحكمة لم تأخذ بكلمة واحدة مما طالبت به إسرائيل، ودافعوا عن أنفسهم ورفضوا إلغاء القضية”.
كما يرى جبارين أن هذه المحاكمة أسست لمستقبل القضية الفلسطينية، إذ إنه بدا واضحًا -وفقًا لجبارين- أن ما ترتكبه إسرائيل في غزة يصل إلى درجة ارتكاب جريمة إبادة جماعية، مؤكدًا أن هذا الاعتبار سيفيد القضية لاحقًا.
عقوبات اقتصادية
من جهته، رأى سامي العريان، مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية، أن ما حدث أمام محكمة العدل الدولية “موقف محرج” لإسرائيل، قائلًا “إسرائيل وقفت أمام المحكمة في موقف محاسبة، الآن سواء نفذت القرارات أم لم تنفذها، هذه القضية ستذهب إلى مجلس الأمن، وأمام الولايات المتحدة أمران، إما أنها تصوت ضده بحق الفيتو وبالتالي لن يكون هناك عقاب أو محاسبة لعدم تنفيذ هذه الأحكام، أو تمتنع عن التصويت”.
وأوضح العريان للجزيرة مباشر أن مَن طالب بأن تذهب القضية إلى مجلس الأمن ليحكم فيها هو الأمين العام للأمم المتحدة وليست جنوب إفريقيا، مشيرًا إلى أنه في حال لم يحكم مجلس الأمن في هذه القضية، فإنها ستذهب إلى الجمعية العامة.
وأكد العريان أن الجمعية العامة تمتلك أدوات عديدة، من بينها أن تعلق عضوية إسرائيل في الجمعية حتى تلتزم بتنفيذ القرارات، أو أن تفرض عليها عقوبات اقتصادية وعلى جميع الدول أن تلتزم بتطبيقها.
مبرر للحوثيين
كما أوضح العريان أنه في حال عدم التزام إسرائيل بالتدابير الاحترازية، فإن ما يقوم به الحوثيون في اليمن سيكون له “مبرر قانوني”، وقال “على كل دولة وقّعت على اتفاقية الإبادة الجماعية أن تفعل ما تستطيع من أجل وقف هذه الإبادة الجماعية، حتى لو كان ذلك عسكريًّا، لذلك ما يقوم به الحوثيون اليوم سيكون من غير المبرر أن تضربه أمريكا، لأنه أصبح أمرًا قانونيًّا”.
والجمعة، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، وإلزام إسرائيل برفع تقرير إلى المحكمة في غضون شهر بشأن التدابير المؤقتة.
وبينما لاقى قرار المحكمة الدولية ترحيبًا دوليًّا وإقليميًّا، بما في ذلك من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حذرت حركة الجهاد الإسلامي من استغلال إسرائيل عدم صدور قرار بوقف إطلاق فوري للنار في غزة من المحكمة، مما يتيح لها “التصرف كما تشاء”.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت حتى السبت 26 ألفًا و257 شهيدًا، و64 ألفًا و797 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة، حسب الأمم المتحدة.
المصدر : الجزيرة مباشر