على مدار خمسة أيام في العاصمة الأردنية عمان شاركت في أول ورشة عمل للتدريب على زمالة صحافة الحوار، والتي يقدمها مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) وهو منظمة حكومية دولية متفردة في مساعيها، حيث تسعى من خلال هيكلها الإداري المزدوج الذي يتكون من: مجلس الأطراف الذي يتكون من الدول المؤسسة ومجلس الإدارة الذي يضم قيادات دينية، إلى الجمع بين مختلف أتباع الأديان والقيادات الدينية وصناع القرار على حد السواء.
اللقاء جمع 34 صحفي من 15 دولة عربية يجمعهم الرغبة الملحة في بناء جسور الحوار من خلال المؤسسات الإعلامية التي يعملون بها، ويستغلون التنوع العرقي والديني والجنسي لإثراء ثقافة الحوار وإعلاء القواسم المشتركة لأن ما يجمعنا أكثر بكثير مما نختلف عليه أو حوله .
الحديث كان عن قضية خطيرة تواجه الوطن العربي ألا وهى خطاب الكراهية المنتشر عبر وسائل الإعلام، وساهم الإعلام الجديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة خطاب الكراهية خاصة في ظل المشاكل الطائفية المنتشرة من الخليج للمحيط أو الكراهية بسبب اللون أو الجنس، وكان اللقاء بمثابة تشريح لهذا الخطاب ومواجهته إعلاميا ومن خلال صناع القرار والسياسات.
إن قضية خطاب الكراهية المنتشرة حاليا من أخطر القضايا التي تواجه المواطن في الدول العربية وبحاجة لمبادرات مثل كايسيد وتضافر الجهود للقضاء عليها، وأحسن مركز الملك عبد الله للحوار باختيار مجموعة متنوعة من شباب الإعلاميين والصحفيين ليكونوا نواة لوأد خطاب الكراهية قبل أن ينتشر كالنار في الهشيم ويأكل الأخضر واليابس .
وبالرغم أنه من المبكر الحكم على التجربة ولكن تجارب الدفعة الأولى من زمالة صحافة الحوار التي كانت العام الماضي وضمت 27 صحفياً من 15 دولة عربية وما تبعها من استمرار التواصل وترجمة التدريبات المستمرة في مبادرات وتجارب إعلامية مبهرة تؤدى إلى نتيجة حتمية، وهى نجاح تجربة الدفعة الثانية خاصة أنه بالرغم من قصر مدة التدريب إلا أن هناك إصرار من الجميع على كسر الحواجز والمضي قدما تجاه حوار يخلق التسامح والمحبة والاختلاف وقبول الأخر .
وبالحديث عن الأردن تلك البلد الشقيقة التي ذهبنا في أعتاب الاحتفال بزفاف ولى العهد الأردني والتي تشهد تقاربا مصريا في الآونة الأخيرة على المستويين الشعبي والرسمي، خاصة أنه وفقا لإحصائيات غير رسمية فالأردن تحتضن ما يقرب من مليون عامل مصري، وللحق فنادرا ما نسمع عن مشاكل يواجهها المصريون في الأردن كما يحدث في بعض البلدان الأخرى التي بها عدد كبير من العمالة المصرية، فالشعب الأردني عاشق لمصر وشعبها وأبنائنا هناك يتلقون معاملة كريمة من السلطات والشعب الأردني.
وخلال تواجدي بدولة الأردن الشقيقة قمت بزيارة للمغطس حيث المكان الذى عمد فيه يوحنا المعمدان السيد المسيح في نهر الأردن وأسعدني اهتمام الأردن بهذا المكان الديني والتاريخي، وقام الدكتور عبد العزيز العدوان مدير هيئة المغطس بجولة بنا لشرح معالم المكان وهو شخصية مثقفة ويحظى باحترام كل الكنائس في الأردن، وأسعدني إهداء السلطات الأردنية لمساحة كبيرة من الأرض للكنيسة القبطية الأرثوذكسية لإقامة كنيسة لها في المغطس، وهى على وشك الانتهاء لاستقبال الأقباط في الأردن أو من مصر ممن يقومون بزيارة الأردن.
وفى النهاية إن طريق الحوار شاق ولكن بالإصرار والإرادة نهايته الحتمية النجاح لأنه الأصل والفطرة التي نشأنا عليها.. قد تكون الحروب والحدود والاختلافات عوامل تفريق، ولكن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا والفطرة الإنسانية هي الحوار وقبول الآخر والتسامح.