اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، قرارا بعنوان: “تدابير مكافحة كراهية الإسلام”. جاء ذلك خلال اجتماع بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام أو”الإسلاموفوبيا”.
وصوتت 115 دولة لصالح مشروع القرار الذي قدمته باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، فيما امتنعت 44 دولة عن التصويت، ولم تصوت أي دولة ضد القرار، وفقا لموقع أخبار الأمم المتحدة.
ويدعو القرار، من بين أمور أخرى، إلى تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة معني بمكافحة الإسلاموفوبيا.
قبل التصويت، استعرض الممثل الدائم لباكستان لدى الأمم المتحدة السفير منير أكرم مشروع القرار الذي قال إنه يتبع القرار الأول الذي تم بموجبه تأسيس اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام، قبل عامين.
ويدين القرار أي دعوة إلى الكراهية الدينية والتحريض على التمييز أو العداوة أو العنف ضد المسلمين “كما يبدو من تزايد حوادث تدنيس كتابهم المقدس والهجمات التي تستهدف المساجد والمواقع والأضرحة”.
وتهيب الجمعية العامة في قرارها بالدول الأعضاء، أن تتخذ التدابير اللازمة لمكافحة التعصب الديني والقوالب النمطية والسلبية والكراهية والتحريض على العنف وممارسته ضد المسلمين وأن تحظر بموجب القانون التحريض على العنف وممارسته على أساس الدين أو المعتقد.
وبعد أن أنهت الدول الأعضاء مداولاتها بشأن القرار، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش قائلا إن فعالية اليوم تسلط الضوء على الوباء الخبيث- وهو الإسلاموفوبيا- الذي يمثل إنكارا وجهلا كاملين للإسلام والمسلمين ومساهماتهم التي لا يمكن إنكارها.
وأضاف: “في جميع أنحاء العالم، نرى موجة متصاعدة من الكراهية والتعصب ضد المسلمين. يمكن أن يأتي ذلك بأشكال عديدة. التمييز الهيكلي والنظامي. الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي. سياسات الهجرة غير المتكافئة. المراقبة والتنميط غير المبرر. القيود المفروضة على الحصول على المواطنة والتعليم والتوظيف والعدالة”.
ونبه الأمين العام إلى أن هذه العوائق المؤسسية وغيرها تنتهك التزامنا المشترك بحقوق الإنسان والكرامة. كما أنها “تديم حلقة مفرغة من الاستبعاد والفقر والحرمان يتردد صداها عبر الأجيال. وفي الوقت نفسه، ينشر الخطاب المثير للانقسام والتضليل الصور النمطية، ووصم المجتمعات المحلية، وخلق بيئة من سوء الفهم والشك”.
وأشار الأمين العام إلى أن كل هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في المضايقات وحتى العنف الصريح ضد المسلمين – وهو ما يتم الإبلاغ عن روايات متزايدة عنه من قبل مجموعات المجتمع المدني في بلدان حول العالم.
وقال إن البعض يستغل، “بشكل مخجل”، الكراهية ضد المسلمين والسياسات الإقصائية لتحقيق مكاسب سياسية. وأضاف: “يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها. ببساطة كل هذا هو كراهية”. وأشار الأمين العام إلى أن “كراهية مجموعة ما تؤجج كراهية مجموعة أخرى. والكراهية تجعل الكراهية أمرا طبيعيا. وتدمر نسيج مجتمعاتنا. وتقوض المساواة والتفاهم واحترام حقوق الإنسان التي يعتمد عليها مستقبل وعالم مسالمان”.
وأكد الأمين العام أنه لا يمكننا أن نقف موقف المتفرج بينما تتفشى الكراهية والتعصب، مشيرا إلى أن فعالية اليوم تذكرنا بأنه تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية مواجهة واستئصال آفة التعصب ضد المسلمين.
“المسلمون يمثلون التنوع الرائع للأسرة البشرية”
وقال الأمين العام إنه بالنسبة لحوالي ملياري مسلم في جميع أنحاء العالم، يعد الإسلام دعامة الإيمان والعبادة التي توحد الناس في كل ركن من أركان المعمورة. “وعلينا أن نتذكر أنه أيضا أحد ركائز تاريخنا المشترك”.
وسلط الأمين العام الضوء على المساهمات الكبيرة التي قدمها العلماء المسلمون في الثقافة والفلسفة والعلوم، مشيرا إلى أن المسلمين ينحدرون من جميع البلدان والثقافات ومناحي الحياة. “إنهم يمثلون التنوع الرائع للأسرة البشرية”.
وبروح شهر رمضان، جدد الأمين العام الدعوة إلى إسكات البنادق في غزة والسودان. ودعا جميع القادة السياسيين والدينيين وقادة المجتمع إلى الانضمام إلى ندائه، مشيرا إلى أن وقت السلام قد حان.
“أسوأ مظهر لكراهية الإسلام”
خلال استعراضه مشروع قرار “تدابير مكافحة كراهية الإسلام”، في بداية الفعالية، قال السفير الباكستاني منير أكرم إن “أسوأ مظهر حاليا لكراهية الإسلام والعنصرية الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال. وقد أدت الحالة نفسها إلى سلسلة من التدخلات الأجنبية في البلدان المسلمة”.
وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات جريئة وحاسمة لمكافحة كراهية الإسلام. وقال إن هذا هو المقصد من تقديم مشروع القرار. وقبل التصويت على مشروع القرار الباكستاني، صوتت الجمعية على مشروعي تعديلين على القرار قدمهما ممثل بلجيكا نيابة عن الاتحاد الأوروبي. ولم يتم اعتماد التعديلين لعدم حصولهما على الأصوات الكافية.
وعارض السفير الباكستاني التعديل الأوروبي الذي يقترح تعيين جهة اتصال بدلا من مبعوث خاص للأمم المتحدة معني بمكافحة كراهية الإسلام، مشيرا إلى أن الغرض من طلب تعيين مبعوث خاص هو بدء إجراءات محددة لمكافحة كراهية الإسلام.
ووصف مشروع القرار الأصلي بأنه متوازن ويستحق أوسع دعم ممكن من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وحث كل الوفود “معتدلة التفكير” إلى التصويت لصالح مشروع القرار ورفض مشروعي التعديلين المقدمين من ممثل بلجيكا نيابة عن الاتحاد الأوروبي.
ومضى قائلا: “يثق مقدمو القرار بأن في هذا اليوم الدولي ستتحد شعوب العالم لمكافحة كراهية الإسلام وغير ذلك من أيديولوجيات الكراهية والتفرقة. لنواجه من ينشر كراهية الإسلام في هذا اليوم تحديدا من خلال تحقيق توافق حول مشروع القرار هنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة”.